لؤلؤة الزمان
عدد المساهمات : 2 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 27/01/2011
| موضوع: قصة لمعن بن زائده في الحلم الإثنين 31 يناير 2011, 4:55 pm | |
| ".. تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار معن بن زائدة وماهو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك ، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه ، فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير ، فإنطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم إرتدى بإهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال : ( أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير ) قال معن: أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب ، فقال الأعرابي : ( فسبحان الذي أعطاك ملكاً وعلمك الجلوس على السرير ) فقال معن : سبحانه وتعالى , وقال الأعرابي : ( فلست مُسَلِّماً ماعشتُ حياً على معن بتسليم الأمير ) قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك فقال الأعرابي : ( سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير ) فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن : ( فجد لي يابن ناقصة بمال فإني قد عزمت على المسير ) فقال معن : أعطوه ألف دينار فأخذها وقال : ( قليل ما أتيتَ به وإني لأطمع منك بالمال الكثير ) ( فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً بلا عقل ولا رأي منير ) فقال معن : أعطوه ألفاً ثانياً فتقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال : ( سألت الله أن يبقيك ذخراً فما لك في البرية من نظير ) ( فمنك الجود والإفضال حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير ) فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف فقال الأعرابي : جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمائة بعير جُعِلَت على إغضابك فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له ، فإنصرف الأعرابي داعياً شاكراً.
وبعد ، إخوتي وأخواتي ، فتلك كانت قصة تعزز المعنى السامي لفضيلة الحلم ، فالحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ابتغاء وجه الله تعالى وتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ، فمنهم من يكون سريع الانفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ، ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه ، وهذا هو الرجل الحليم.
الحلم...صفة اتصف بها الله تعالى و هو الحليم...قال تعالى: (واعلموا أن الله غفور حليم). لا استطيع القول سوى اننا لو نتمتع بهذه الصفة الجميلة لسوف نوفر على انفُسنا الكثير من المشاكل و الندم.
| |
|